SoMaLiLaNd- StArS
حصاد المؤتمر الدولي في لندن حول سياسات الصومال Download
SoMaLiLaNd- StArS
حصاد المؤتمر الدولي في لندن حول سياسات الصومال Download
SoMaLiLaNd- StArS
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حصاد المؤتمر الدولي في لندن حول سياسات الصومال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أسد الصومال

أسد الصومال


ذكر عدد المساهمات : 6
نقاط : 18
تاريخ التسجيل : 03/03/2012
العمر : 30

حصاد المؤتمر الدولي في لندن حول سياسات الصومال Empty
مُساهمةموضوع: حصاد المؤتمر الدولي في لندن حول سياسات الصومال   حصاد المؤتمر الدولي في لندن حول سياسات الصومال Emptyالسبت مارس 03, 2012 11:42 pm

بعد عمل وجهد دبلوماسي عالمي استغرق ما يقارب الخمسة أشهر عقد "مؤتمر لندن حول الصومال" في 23 من فبراير/ شباط 2012 والذي لم يستغرق نصف يوم بحساب الساعات، وكان معظمه إلقاء الخطب الرنانة المعهودة في مثل هكذا المؤتمرات، ثم تلا ذلك صدور بيان ختامي(1) تمت إعادة صياغته ليبدو أقل تركيزا على الأمن والقرصنة ومواجهة الإرهاب، وأقصر من المسودة التي تسربت قبل ثمانية أيام من انعقاد المؤتمر(2) وكان هذا البيان الختامي شبه مطابق للنسخة التي تم تسريبها يوما قبل المؤتمر(3).

وما زال الصوماليون مختلفين حول نتائج المؤتمر وما ستتركه على قضيتهم وبلدهم. إلا أن هناك شعورا عاما بأن هذا المؤتمر سيكون له تأثير على أرض الواقع، ولكن لا يمكن لأحد التنبؤ بهذا التأثير، هل سيكون إيجابيا أو سلبيا؟

يمكن للمرء أن يكون متفائلا عندما استمع للخطب الدبلوماسية التي سمعها من المشاركين في المؤتمر، كما البيان الختامي فيه الكثير مما يمكن أن يكون إيجابيا بالرغم من احتوائه على سلبيات، ولكن معرفة خفايا المصالح المتعارضة للمشاركين والتي اجتهدت الدبلوماسية البريطانية أن تظهرها موحدة ومتجانسة، والتجارب التي مرت بها القضية الصومالية، وقصر نفَس المجتمع الدولي في الالتزام بالاستمرار تنسيق تناقضاته حول القضايا المعقدة ذات الطبيعة الديناميكية والطويلة الأجل، يجعل المرء لا يتفاءل كثيرا بل ويدرك أن من الصعب أن نرى تنفيذا لما قيل في خطابات المؤتمر.

في هذا التقرير ننظر في نتائج المؤتمر على ضوء قراءة البيان الصادر والإيجابيات الموجودة فيه والثغرات التي يمكن أن تشكل سببا لإفشال تطبيقها.

مؤتمر يختلف عما سبقه من مؤتمرات

يجب التنبيه إلى أنه لا يمكن إدراج هذا المؤتمر ضمن مؤتمرات المصالحة الصومالية التي عقدت للصومال في الماضي، فهو يختلف عنها جميعا من حيث الطبيعة والمقاربة، وهذه مما يعطي المراقبين بعض الأمل في تغير النتائج المرتقبة على الأرض، ويحسبها البعض من إيجابيات المؤتمر.

فلم يسبق لهذا المؤتمر مثيل من حيث الجهد الذي وضعت فيه حكومة المملكة المتحدة التي لم يسبق لها أن اهتمت بالصومال بهذا القدر، فلا ننسى أنها حتى في عملية "إعادة الأمل" بين 1992 – 1995 اكتفت بريطانيا بتقديم الدعم اللوجستي لعملية الأمم المتحدة فقط. وبالإضافة إلى النشاط الدبلوماسي مع الدول فإن الحكومة اهتمت بالتواصل مع الجالية الصومالية في بريطانيا بشكل خاص وعقدت معها العديد من المناقشات على مستويات مختلفة.

ومن بين ما يختلف هذا المؤتمر عما سبقه من مؤتمرات حول القضية الصومالية ما يلي:

1.بينما كانت المؤتمرات السابقة تعقد للصوماليين وتدعى إليها الفصائل الصومالية التي يقودها أمراء الحرب لحل التناقضات الموجودة بين أطراف الصراع في الصومال، عقد هذا المؤتمر للدول ذات المصلحة في الصومال أو ذات العلاقة بالقضية الصومالية (القدامى والجدد) واستهدف التنسيق فيما بينها وتوحيد جهودها السياسية والعسكرية والإغاثية حتى تتكامل ولا تتناقض.
2.التركيز على الإجراءات العملية للتقدم وتثبيت هذا التقدم فيما يتحقق في المجال السياسي والأمني بناء على ما تحقق على الأرض بدلا من المصالحات العقيمة التي كانت تستغرق الوقت والجهد.
3.مستوى الاهتمام والمشاركة الدولية، حيث شارك في المؤتمر ما يقرب من خمسين دولة ومنظمة مهتمة بالصومال أو متورطة فيه.
4.التركيز على تحقيق الأمن والقضاء على القرصنة ووضع مسارات للعملية السياسية المستقبلية وترك التفاصيل للمستقبل.
يقول البيان "ركز المؤتمر على الأسباب الكامنة وراء عدم الاستقرار والأعراض الناجمة عنه (كالمجاعة واللاجئين والقرصنة والإرهاب). وقد اتفقنا نحن المجتمع الدولي على: ضخ قوة دفع جديدة في العملية السياسية، وتعزيز بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم) ومساعدة الصومال على تطوير قواته الأمنية، والمساعدة في بناء الاستقرار على المستوى المحلي، وتصعيد التحرك لمواجهة القراصنة والإرهاب" (البند الرابع من البيان الختامي).وهذه الفقرة تمثل الخلاصة التي توصل إليها المؤتمر وما عداها فهو شرح وتفصيل لها.

سيطرة المقاربة الأمنية والعسكرية على المؤتمر

ما يعيب المؤتمر أنه اعتمد المقاربة الأمنية والعسكرية وجعلها المدخل لحل الأزمة الصومالية السياسية وغيرها، بينما يعرف الجميع أن المشكلة الأمنية والعسكرية والقرصنة واللاجئين والمجاعة التي ركز عليها المؤتمر إنما هي أعراض للأزمة السياسية التي تولد قوى وتحديات كلما استمرت ولم تجد لها حلا جذريا.

الأمن والعدالة
تم الربط بين الأمن والعدالة في البيان بشكل غريب ولكن بينما تم الحديث بإسهاب عن الأمن تمت الإشارة إلى أن الصوماليين أنفسهم يجب أن يقرروا ماهية ترتيبات الأمن والعدالة التي يحتاجون إليها مستقبلا، فلم تذكر آلية لتحقيق العدالة في صراع تراكمت فيه المظالم بين الفئات المختلفة للمجتمع.

في هذا المجال تمت الإشادة بقوات "أميسوم" والامتنان لتضحياتها (دون الإشارة إلى القوات الحكومية الصومالية، ودون الإشارة أيضا إلى ما اقترفته هذه القوات من قصف عشوائي للمدنيين خلال مواجهاتها مع المتمردين وهو ما أقرت به منظمات حقوق الإنسان الدولية)، والتي صدر قرار من مجلس الأمن الدولي (رقم 2036) عشية المؤتمر بتوسيع صلاحياتها ورفع عددها إلى سبعة عشر ألفا، مع دمج القوات الكينية التي دخلت الصومال غازية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2011. وقد طرح مشروع القرار أيضا تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي على أساس مستديم، مع تحمل الأمم المتحدة لنصيب أكبر في عملية التمويل.

الإرهاب
بالنسبة للحدوث عن مواجهة ما يسمى بالإرهاب فلا يوجد غير بند وحيد أما بقية وما يخص هذه المواجهة قد أدرج في الجانب الأمني والعسكري، وهذه طريقة دبلوماسية لعدم إبراز أن المؤتمر لمواجهة هذه الظاهرة. وفي هذا البند ورد كلام إنشائي لا يتجاوز ما هو معلوم وحاصل قبل المؤتمر حيث جاء التأكيد على أن "الإرهاب يشكل تهديدا خطيرا للأمن في الصومال نفسها والمنطقة وعلى الصعيد الدولي، ومن ثم [اتفق] على العمل معا بمزيد من العزم من أجل بناء القدرات لعرقلة الإرهاب في المنطقة ومعالجة الأسباب الجذرية للإرهاب. واعتراض تنقل الإرهابيين من وإلى الصومال، وضرورة قطع تمويل الإرهاب، والتنسيق في العمل الاستخباري في هذا المجال".

القرصنة
كان يقال إن القرصنة هي الدافع الرئيسي لتبرير الجهد المبذول من قبل حكومة المملكة المتحدة لعقد هذا المؤتمر نظرا للخسائر الكبيرة في هذا المجال الذي يكلف العالم ما يناهز سبعة مليارات دولار سنويا؛ لذلك فقد حظي هذا الموضوع بنصيب وافر من القرارات. لكن ليس ذلك الاهتمام بالخارج عن إطار ما كان موجودا، خصوصا وأن القرصنة وقد ثبت تشهد انخفاضا في العمليات خلال الشهور الأخيرة. ولكن المهم أنه أشير في صلب البيان إلى "أن المشكلة تتطلب منهاج عمل شامل في البر والبحر على حد سواء". و"أنه لا يمكن حل مشكلة القرصنة بالوسائل العسكرية وحدها، وأكدنا مجددا على أهمية دعم المجتمعات لمعالجة الأسباب الكامنة وراء أعمال القرصنة، وتحسين فعالية استخدام المياه الساحلية الصومالية من خلال وضع تدابير لبناء القدرات البحرية الإقليمية" والتأكيد على أنه لن يكون هناك إفلات من العقاب على القرصنة"؛ والدعوة "إلى مزيد من تطوير القدرات القضائية لملاحقة واعتقال من هم وراء القرصنة في الصومال وعلى نطاق أوسع في المنطقة".

وليس هناك جديد في هذا المجال ما عدا محاولة الحد من الاستثمار بأموال القرصنة بـ"تعزيز التنسيق بشأن تدفق الأموال غير المشروعة، وتنسيق جمع المعلومات الاستخباراتية والتحقيقات". والتأكيد على أهمية دعم المجتمعات لمعالجة الأسباب الكامنة وراء أعمال القرصنة، وتحسين فعالية استخدام المياه الساحلية الصومالية من خلال وضع تدابير لبناء القدرات البحرية الإقليمية. ويمكن اعتبار هذا التوجه جيدا في المعالجة ولكنه ليس جديدا إذ تم اعتماده في مؤتمر جيبوتي حول القرصنة.

القصور في المعالجة الأمنية
وهذا المنهج أو المقاربة في التعامل مع الأعراض، بدلا من معالجة لب المشكلة، فإنه قد يعطي المتشددين أداة لاستغلال الشباب وجلب المزيد من المؤيدين والمقاتلين إلى صفوفهم. فالصوماليون حساسون للغاية من أطماع دول الجوار، ولا سيما كينيا وإثيوبيا. ولكن المؤتمر بدلا من رفض التدخل العسكري الأجنبي -والذي أثبت فشله وجاء بنتائج عكسية- فإنه اعتمد ضم القوة الكينية الغازية إلى بعثة الاتحاد الأفريقي، وبالتالي، إضفاء الشرعية على تدخلها في الجنوب والذي يعرف جميع الصوماليين الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من وراء ذلك. كما لم تتم الإشارة إلى التدخل الأثيوبي الأخير بل أشيد بها ضمنيا فيما سمي بـ"تحرير الأراضي من سيطرة حركة الشباب"، والتي برزت وتقوت جراء الاحتلال الأثيوبي للصومال عام 2006 ذلك الاحتلال الذي كان هدفه الرئيس دحر المحاكم الشرعية حينها.

ولم يوضح البيان الختامي أي مخرج استراتيجي واضح لبعثة الاتحاد الأفريقي "أميسوم" في المستقبل المنظور، كما لا يوجد مشروع لتحويلها إلى قوة مختلطة من دول إسلامية وغير إسلامية وتحت قيادة إسلامية لإضفاء الشرعية عليها في نظر المواطن الصومالي العادي وتفنيد حجة "الشباب" من أنها استمرار للاحتلال الأثيوبي وأنها قوة صليبية محتلة.

ويكاد المهتمون بالشأن الصومالي يجمعون على أن حركة الشباب الآن في مرحلة تراجع وتقهقر ولم تعد تمثل نموذجا جاذبا للصوماليين، ولا سيما في تطبيقهم لتفسيراتهم المتشددة للإسلام وتبنيهم منهج تنظيم القاعدة، ولكن من السهل جدا بالنسبة لهم تجنيد المزيد والمزيد ممن لديهم تطلعات قومية مشروعة إذا تصور لهم أن البلد واقع تحت احتلال قوات غازية من قبل الكينيين والإثيوبيين والأوغنديين، نعم، تبدو "حركة الشباب" منهزمة الآن، لكنها أو مثيلاتها قد تنتفض مرة أخرى من ركام الرماد إذا لم تتم معالجة القضايا التي أنشأتها وغذتها ومكنتها من تحقيق السيطرة من قبل بشكل صحيح.

اتضح في المؤتمر أن هناك خلافا في التعاطي مع قضية "حركة الشباب" التي دعا الوزير القطري، د. خالد بن محمد العطية، في خطابه أن تكون حركة الشباب جزءاً من عملية تعزيز الثقة والاندماج بين جميع الأطراف الصومالية. وأكد في خطابه أن "استبعاد أي طرف في هذه المرحلة سوف يعطل تلك الجهود ويجعل من أي حديث عن الأمن والاستقرار أمراً غير واقعي ويتعارض مع الحقائق على أرض الواقع في الصومال." كذلك كشف أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين لعام لمنظمة التعاون الإسلامي، في كلمته عن اتصالات إيجابية أجراها مع المعارضة الصومالية (حركة الشباب المجاهدين) من أجل استكشاف سبل الوصول إلى حل سلمي في البلاد. بينما عارضت كلينتون بشدة أية مشاركة لحركة الشباب. إلى أن الدلائل تشير إلى أن شركاء أمريكا الأوروبيين لن يكونوا صارمين في هذا الجانب حيث أشار وزير الخارجية الإيطالي، جيليوماريا تيرزي، إلى أن المسلحين ما زالوا يسيطرون على أكثر من ثلث الصومال، مضيفاً أن "قدرتهم على السيطرة على تلك الأراضي لا تكمن فقط في الإجبار". كما كان خطاب رئيس الوزراء البريطاني في منزلة بين المنزلتين حيث أكد أنهم سيرحبون بكل من يلقي السلاح بالإشارة إلى الاستعداد للتعاون من يمكنه أن ينشق عن حركة الشباب.

كيف عالج المؤتمر الوضع السياسي الصومالي

كما ذكرنا فإن التركيز كان على المسألة الأمنية والقرصنة والحلول المقدمة كانت معظمها تصب في هذا الإطار، أما المسألة السياسية فقد اعتمدت استمرار المعالجة القائمة حاليا مع وضع تحسينات عليها. لذلك فإن البنود التي تناولت المسألة السياسية جاءت ترجمتها العربية تحت عنوان "الدعم السياسي".

التمثيل السياسي
بالرغم من إعلان الالتزام بانتهاء التفويض للمؤسسات الانتقالية في أغسطس/ آب 2012، إلا أن الإجراءات السياسية لإنشاء الحكومة المستقبلية للصومال لم توضح بعد واعتمد البيان على تبني ما عرف بـ"مبادئ مؤتمر جروي 2" الذي أشرفت عليه الأمم المتحدة، وهو المؤتمر الذي لم يدع إليه سوى السياسيين الموصوفين إعلاميا بـ"الفاشلين" والذين يقودون الصومال إلى الهاوية الآن وكرس نفس الآلية التي مكنتهم وأمثالهم من التحكم في الصومال، كما أكد على صيغة المحاصة القبلية المعروفة بصيغة "الأربعة والنصف" والتي تحدد القبيلة معيارا للفوز بالمنصب وليس الكفاءة والأهلية. وهي الصيغة التي أثبتت فشلها حتى هذه اللحظة وفاقمت المشكلة الصومالية بدلا من حلها. بل إن المحاصة القبلية تشكل "حقل ألغام" بالنسبة لمستقبل الصومال كله.

وقد تحدث عدد من المثقفين الصوماليين حول عقم هذه الآلية وطرحوا بدائل عملية عنها تؤسس لدولة مؤسسات ولكن القائمين على المؤتمر لم يلقوا بالا لتلك المقترحات(4).

الإدارات الإقليمية
لم يتم التطرق إلى الإدارات الإقليمية بشكل خاص ومفصل ما عدا فيما يخص "دعم المجتمع الدولي لأي حوار بين صوماليلاند والحكومة الفيدرالية الانتقالية أو من يحل محلها من أجل توضيح العلاقات المستقبلية فيما بينهما". وحصل اجتماع بين الرئيس الصومالي شيخ شريف وأحمد محمد سيلانو، رئيس حكومة أرض الصومال وذلك خلال المؤتمر، وهو ما يبشر بفتح صفحة جديدة، بل قد يؤدي إلى محادثات بين الجانبين وبدعم دولي، وهو أمر قد يكون من نتائجه لو حصل بداية استخراج البترول في صوماليلاند.

فيما عدا ذلك فإن الحديث جاء في إطار دعم الاستقرار في "المناطق المحلية التي تنعم بالاستقرار" وربما كان ذلك مؤشرا على تجاوز المؤتمر التهمة التي كانت موجهة إليه أساسا بأنه يسعى إلى تفكيك الصومال وجعله أجزاء منفصلة "كنتونات". كما وعد المؤتمر بـ"دعم الإدارات المحلية الفعالة والخاضعة للمساءلة"، كما تم التطرق لزيادة الدعم لتشكيل سلطات شرعية وسلمية وتحسين الخدمات للسكان الذين يعيشون في هذه المناطق". وهو الوضع القائم الذي يدفع إليه المجتمع الدولي بربط الدعم التنموي والاقتصادي للمجتمعات المحلية بوجود إدارة إقليمية للمنطقة، وهو ما يدفع كل الطامحين سياسيا إلى أن يقوموا بإنشاء إدارات محلية أو ما يسمى بـ"حكومات محلية" ولو كانت على الورق، وقد تجاوزت الأسماء المتداولة لهذه الحكومات المحلية العشرات.

مواجهة الفساد والتنمية

لعل الجانب الأهم والذي كان يمكنه أن يثير التفاؤل في هذا المؤتمر هو ما ورد في ثنايا البيان الختامي من اهتمام ودعم للعمل التنموي وإعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية، وهو ما اتفق أنه سيكون على المدى الطويل وسيعتمد على قطاع خاص نشط.

ولكن تمت إحالة موضوع التنمية الاقتصادية وإعادة الإعمار إلى مؤتمر اسطنبول المرتقب في يونيو/ حزيران 2012 أي بعد قرابة أربعة أشهر من مؤتمر لندن. أما مواجهة الفساد فجاء عن طريق تبني إنشاء "المجلس المشترك للإدارة المالية" للصومال والذي أعلن عنه في المؤتمر "لتعزيز الشفافية والمساءلة في مجال جمع وكفاءة استخدام الإيرادات العامة ومساعدات التنمية الدولية، والذي سيساعد على تعزيز المؤسسات العامة والإدارة المالية في الصومال."

وهذا المجلس المذكور هو نتيجة لما دعت إليه في نيروبي في سبتمبر/ أيلول 2011 حكوماتُ مجموعة شرق أفريقيا ومنظمة الإيجاد وجمهورية جنوب السودان، ونتيجة أيضا لما دعت إليه مجموعة الاتصال الدولية حول الصومال في كوبنهاجن في 30 سبتمبر/ أيلول 2011. ويتكون حاليا من الحكومة الصومالية الانتقالية وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وهو مفتوح لانضمام الآخرين قبل تشكليه رسميا، كما أنه يسعى إلى التحكم وإدارة جميع مصادر التمويل الموجهة للصومال من المانحين الدوليين والمصادر الداخلية للثروة، وذلك كما جاء في البيان الختامي من أجل: "توفير المساءلة والشفافية في أين وكيف تنفق العائدات الصومالية وأموال المانحين"، مما يعني القضاء على تحويلها إلى أغراض أخرى أو حسابات خاصة.

ويبدي بعض الصوماليين تخوفا من هذا المجلس الذي يرون أنه ينقص من سيادة الدولة الصومالية ويفرض وصاية مالية عليها، لا سيما أنه لا يقتصر في إدارة التمويل الخارجي فحسب بل سيكون من اختصاصه -كما ورد في الملحق الخاص به بالبيان الختامي- إدارة "الإيرادات الداخلية" التي "تشمل التدفقات المالية المحلية أو التي ينبغي أن توصف بأنها الموارد العامة، بما في ذلك ما هو الآن أو ما ستكون عليه الأصول الوطنية أو العامة". وهذا كله بحجة أن الصومال لا يملك مؤسسات مالية مثل البنوك والمصارف الوطنية التي يمكن أن تؤتمن إدارة هذه الأموال!

كما أعلن في المؤتمر عن إنشاء صندوق استقرار جديد سيساهم فيه كل من الدانمرك وهولندا والنرويج والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، لغرض دعم التنمية الاقتصادية في المناطق الآمنة والتي تشهد استقرارا.

ما بعد مؤتمر لندن.. المعلن عنه والمستور

لم يكن متوقعا أن تكون ردود الفعل السلبية على المؤتمر من قلب لندن نفسها وبشكل سريع، وليس مقتصرا على اللوبيات اليسارية المعروفة بمعارضتها لتوجهات الحكومة مثل "تحالف أوقفوا الحرب" بل إن النقد جاء من الإعلام البريطاني الرصين كجريدة الأبزيرفر الأسبوعية على سبيل المثال، وكذلك من المنظمة البريطانية الخيرية العالمية "أوكسفام".

الحلول المفروضة
فبعد انتهاء أعمال المؤتمر مباشرة، أصدرت بربارا ستوكنج، المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام الدولية بيانا أعربت فيه عن خيبة أملها من نتائج المؤتمر. وقالت إنه "على الرغم من أننا نقدر الجهود الهائلة لحكومة المملكة المتحدة لإنجاح المؤتمر، إلا أن ما كنا نأمل فيه هو الاعتراف بأن عشرين عاما من الحلول المفروضة دوليا قد باءت بالفشل. ولكن، ما شهدناه مرة أخرى، هي الحلول التي تحرك من الخارج التي لم تنجح، ولا تنجح، ولن تنجح."

وأضافت: "توقعنا أن يوفر هذا المؤتمر الأمل دعما لملايين من الناس المتضررين من الجفاف والنزاعات، ودعما لعملية بناء السلام التي تشمل شريحة واسعة من المجتمع الصومالي. وما حصلنا عليه كان كلاما إنشائيا حول إشراك الصومال، ولكن لا يمكن المضي قدما في وضع دستور جديد وإجراء انتخابات في مثل هذا البلد المضطرب بدون مشاركة سياسية واسعة وشاملة داخل المجتمع الصومالي."

ودعت إلى أن تفرق الجهات المانحة في تعهداتها بالملايين بين ما هو موجه إلى السياسة والأمن وما هو للأغراض الإنسانية والإنعاش. وأوضحت أن هذا أساسي ليكون العمل الإنساني قادرا على الاستمرار. وأن يكون تمويل المساعدات الإنسانية وفقا لمبادئ النزاهة وتلبية احتياجات الصوماليين أينما وحيثما كانت.

كشف المستور (ابحث عن النفط)
جاءت صحيفة الأوبزيرفر (النسخة الأسبوعية من صحيفة الغارديان) وهي من الصحف الرصينة والمحترمة في بريطانيا، لتكشف، في مقالين مطولين بنفس العدد الصادر في 25 فبراير/ شباط 2012، عن أهداف بريطانيا الأساسية من الحشد لهذا المؤتمر. كشفت الصحيفة أنه، "بعيدا عن التركيز العام لقمة الأسبوع الماضي، فإن محادثات تجري بين مسؤولين بريطانيين ونظرائهم الصوماليين حول استغلال الاحتياطيات النفطية التي تم استكشافها في المنطقة الشمالية الشرقية القاحلة من البلاد. وقال عبد القادر عبدي حاشى، وزير التعاون الدولي في بونتلاند شمال شرق الصومال إنه من المتوقع أن يتم استخراج دفعات النفط الأولى شهر مارس/ آذار 2012 المقبل - "لقد تحدثنا مع عدد من المسؤولين في المملكة المتحدة، وعرض البعض مساعدتنا في المستقبل لإدارة عائدات النفط. وسيساعدوننا في بناء قدرتنا على تحقيق أقصى قدر من الأرباح في المستقبل من صناعة النفط."

وأكد رئيس الوزراء الصومالي محمد علي عبد الولي أن حكومته ليس لديها خيار سوى إغراء الشركات الغربية من خلال تقديم حصة من موارد البلاد الطبيعية، والتي تشمل النفط والغاز واحتياطيات كبيرة من اليورانيوم.

وأكدت الصحيفة أن "بريطانيا ليست الدولة الوحيدة التي تسعى لتطوير الموارد الطبيعية الهائلة في الصومال. حيث بدأ التنقيب عن النفط في الشهر الماضي في بونتلاند من قبل شركة النفط الكندية Africa Oil، وهو أول حفر تم في الصومال منذ واحد وعشرين عاما.

وتقدر الشركة أنه قد يكون هناك ما يصل إلى أربعة مليار برميل (أي ما تقدر قيمته بخمسمائة مليار دولار بأسعار اليوم) في البئرين المخطط لهما. و تشير دراسات أخرى إلى أن إقليم بونتلاند وحده لديه القدرة على أن ينتج عشرة مليار برميل، مما يضعه بين أعلى عشرين دولة منتجة للنفط.

وأن شركات صينية وأمريكية، من بين تلك التي لديها اهتمام عن احتمال إمكانية استخراج النفط الصومالي الآن، وأن الصومال أصبح للمرة الأولى، ومنذ 20عاما، آمنا بما فيه الكفاية لحفر أبار النفط.

وفي يوم الخميس 23 فبراير/ شباط 2012 ، يوم انعقاد مؤتمر لندن، كشفت شركتا "بريتش بتروليوم" و"شيل" مبادرة لدعم مشاريع خلق فرص العمل في المناطق الساحلية الصومالية. ويعتقد أن شركة تابعة لشركة "شل" قد حصلت على امتيازات التنقيب في بونتلاند قبل اندلاع الفوضى في عام 1991م.

وقال مارك برادبري، مدير معهد الوادي المتصدع، ومؤلف العديد من التقارير والكتب حول الصومال، أن النفط هو الذي "أكبر مغير لقواعد اللعبة". وأضاف: "إن المجتمع الدولي كان هادئا جدا تجاه استغلال كل من المعادن والنفط والغاز، ومن الواضح أن هناك إمكانية لنزاع بين بونتلاند المستقرة نسبيا، وبقية أنحاء البلاد. والنهاية الإيجابية ستكون تعزيز الحكومة الاتحادية من خلال الدعم الدولي، أما السلبية فستكون، تقسيم الصومال من قبل القوات العسكرية الدولية".

وثمة نقاط ذات دلالة نتجت عن هذا المؤتمر ولا بد من التنبيه إليها:

•وجود تركيا وقطر ومنظمة التعاون الدولي وبقية الدول الإسلامية في المؤتمر واستشارتها في صياغة البيان الختامي خفف من لهجة البيان؛ كما سيخفف مستقبلا من المخاطر التي قد تواجه الصومال، فتركيا قد رسخت أقدامها في الصومال ليس من خلال السياسيين بل من خلال كسب ود الشعب. والاتفاقية التركية مع الحكومة الصومالية السابقة على المؤتمر والمتعلقة بتدريب القوات الصومالية عنصر إيجابي سيخفف من وطأة قوات الأميسوم، ومن وطأة القوات أثيوبيا وكينيا اللتين تريدان الاستئثار بهذه الحصة.


•يمكن أن يحيد المؤتمر إثيوبيا وكينيا، ويحدد نفوذهما في الصومال واللتين كانتا شبه منفردتين في تسيير أجندتهما الصومالية، وقد تسرب في المؤتمر أن رئيس وزراء أثيوبيا لم يكن مرتاحا بل كان مغتاظا، وقال إنه لم يستشر في صياغة البيان الختامي، وهذا غير صحيح فكل الدول المشاركة استشيرت، ولكن ربما لم يؤخذ بالكثير من توصياتها.


•انفصال شمال الصومال لم يتأكد في المؤتمر، كما أنه لم يتبدد، فما زلنا في المنتصف، ولكن دعم المجتمع الدولي لحوار بين حكومة أرض الصومال "صوماليلاند" والحكومة الفيدرالية الانتقالية أو من يحل محلها من أجل توضيح العلاقات المستقبلية فيما بينهما، أمر جيد. وقد حصل اجتماع بين الرئيس الصومالي شيخ شريف وأحمد محمد سيلانو، رئيس حكومة أرض الصومال من خلال المؤتمر مما يبشر بفتح صفحة جديدة، وقد يؤدي إلى محادثات بين الجانبين بدعم دولي، ليمهد لاستخراج البترول في أرض الصومال.


•هناك دلائل على وجود اتجاه جديد في الاستقرار والانتعاش. ولكن عن طريق الابتعاد عن التركيز على الحكومة الانتقالية وإحداث التحول السياسي بعيدا عنها لبناء مؤسسات الحكومة في اتجاه المناطق المحلية. هذا هو النهج الذي نظر له المحلون الغربيون كثيرا. وتتجه الأمور إلى أن يسعى المجتمع الدولي إلى إنشاء نظام شبيه بالنظام الموجود في الإمارات العربية المتحدة، وربما يكون مقبولا لدى الصوماليين.


•الرغبة في التعامل مع المغتربين، وتقوية دورهم في بناء السلام والتنمية الاقتصادية سيعود على الصومال بالكثير من الفائدة؛ ولكن إذا نظم المغتربون أنفسهم ومثلوا مصلحة الصومال بدلا من مصلحة القبائل التي ينحدرون منها.
___________________________
د محمد الأمين محمد الهادي-مدير مركز الشاهد للبحوث والدراسات الإعلامية - لندن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حصاد المؤتمر الدولي في لندن حول سياسات الصومال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
SoMaLiLaNd- StArS :: العامة :: المنتدى السياسي-
انتقل الى: